دليلك العملي لبناء شركة ناشئة ناجحة - ترجمة كتاب Startup Playbook

لتأسيس شركة ناشئة ناجحة، تحتاج إلى: فكرة رائعة، وسوق ممتاز، وفريق متميز، ومنتج متفوق، وتنفيذ استثنائي - كتاب Startup Playbook - لِـسام ألتمان (ترجمة باللغة العربية)

دليلك العملي لبناء شركة ناشئة ناجحة - ترجمة كتاب Startup Playbook

تقديم

لقد أصبح للمشاريع الريادية في المنطقة العربية مكانا لم يكن موجودا منذ خمس سنوات من الآن وأصبح دعم الرياديين ماليا أو تقنيا في وضع أفضل سواء من قبل الحكومات أو الشركات الكبرى العاملة في المنطقة العربية. لكن المشكلة أن أغلب تلك المشاريع الريادية هي نُسخ مكررة من مشاريع عالمية حتى أنك لتجد ذات المشروع تقريبا موجودا في دولتين عربيتين متجاورتين.

هذا يجعل من فرصة بقاء واستمرار تلك المشاريع ونجاحها ضئيلة. فالمنافسة الشديدة بين تلك المشاريع المتشابهة في عملها سيحدّ من قدرتها على جلب المال وتحقيق الربح. أضف إلى ذلك أن الكثير من تلك المشاريع لم تقدم شيئا جديدا للمستخدم العربي عما هو متعود عليه في المواقع العالمية مما سيحد من قدرتها على بناء قاعدة واسعة من العملاء او حتى الاحتفاظ بهم لفترة طويلة.

لذلك كان لابد من أن يتوفر مثل هذا الكتاب بين يدي الجميع. بين يدي كل من يفكر أو يريد أن يبدأ بشركة جديدة أو بدأ بالفعل. حتى أنه قد يقيد كل مدير مسؤول عن عمل تجاري ما صغيرا كان أو كبير. فالكتاب ليس تنظيرا بل نتيجة تجربة مؤلفه في تعامله مع عدد كبير من الشركات الناشئة وقراءته واجبة على كل من يريد تحقيق نجاح ما في هذا العالم.

لشدة اعجابي وانبهاري بما ورد في هذا الكتاب واقترابه بشكل كبير للواقع، فقد وجدت أنه من الضروري ترجمته ليكون مرجعا لكل الرياديين في المنطقة العربية. ورغم اختلاف طريقة التعبير بين اللغتين العربية والانجليزية الا انني حاولت أن أكون قريبا إلى روح الكتابة الأصلية قدر الإمكان حتى تكون الفائدة أكبر. أتمنى أن أكون قد نجحت في ذلك. يمكن الوصول لأصل الكتاب عبر الرابط: http://playbook.samaltman.com

سيتضمن هذا الكتيب أيضا مقتطفات من كتاب من الصفر إلى الواحد للكاتبين بيتر تيل وبليك ماستر Peter thiel و Blake Masters والذي يقدم الأسس التي يقوم عليها عمل ريادي ناجح.

إنها فرصة لكل ريادي أعمال ليتعرف على ما ينتظره عندما يقرر تأسيس شركة ناشئة. فالأمر أصعب بكثير من مجرد حضور مؤتمرات أو الحصول على جوائز لكنه أكثر متعة من وظيفة مملة ساكنة لا حراك فيها.

د. عماد عمر سرحان
إستشاري ومتخصص في المعلوماتية وإدارة المعرفة وتطوير المحتوى بخبرة تزيد عن 24 عاما. حاصل على درجة الدكتوراه والماجستير في نظم المعلومات ووهو مدير مشاريع معتمد من معهد إدارة المشاريع PMP وممارس معتمدا لأتمتة الأعمال ومحترف معتمد في إدارة المعلومات CIP من هيئة إدارة المعلومات في الولايات المتحدة الأمريكية AIIM.
https://emadsarhan.com

المقدمة

لقد قضينا وقتا طويلا ونحن نقدم المشورة للشركات الناشئة. ورغم أن النصائح المباشرة كانت مجدية الا أننا وجدنا أنه حتى نستطيع تنمية مسرعة الأعمال التي نديرها فلابد أن نقدم مستخلصا لأهم العناصر لتلك المشورة على هيئة كتيب بحيث يمكن اعطاؤه للشركات العاملة معنا في مسرعة الأعمال.

وبعد ذلك وجدنا أنه من الضروري أن نمنح هذا الكتيب للجميع. سيعني هذا الكثير للأشخاص حديثي العهد بالشركات الناشئة. وقد لا يكون كذلك لمن قرؤوا الكثير حول هذا الأمر لكن وجود تلك المعلومات في مكان واحد أمر مجدٍ بالنسبة لهم ايضا.

يركز هذا الكتاب على كيفية بدء شركة ناشئة وليس عن تمنيتها والتي سيتناولها كتاب أخر.

إن هدفك كشركة ناشئة هو أن تصنع شيئا جديدا يحبه الناس، إن فعلت ذلك، فعليك بعد إذن أن تحصل على عدد أكبر من المستخدمين. ولكن الجزء الأول هو الأهم، فكر في جميع الشركات الناجحة اليوم. فجميعهم بدأوا بمنتج أحبه المستخدمون الأوائل له ثم أخبروا الأخرين به. إن لم تستطع فعل ذلك، ستفشل. وإن اعتقدت بأن المستخدمين أحبو منتجك وهم في الحقيقية لم يحبوه فأنت أيضا ستفشل.

ومع ذلك تبقى الكثير من الشركات الناشئة تجادل بأنها يمكن أن تتخطى ذلك.

من الأفضل لك أن تبدأ بمنتج لعدد قليل من المستخدمين المهتمين جدا به أكثر من أن تبدأ بمنتج لعدد كبير من الناس، حتى لو كان الشعور الايجابي في الحالتين واحد. لأنه من السهل الحصول على عدد أكبر من المستخدمين ولكن من الصعب أن تجد من يحب منتجك فتبدأ معه.

إن أفضل كلمة تحذير يمكن أن نقولها عند اختيارك لأن تبدأ بتأسيس شركة ناشئة هي أنها عملية مزعجة وكريهة جدا. إن أكثر الملاحظات التي تَرِد بشكل دائم من المؤسسين الذين تعاملنا معهم بأنها أصعب مما قد يتخيل البعض. فالمؤسسون هنا لا يملكون إطارا واضحا لهذا النوع من العمل ولا يقدّرون كثافة العمل المتوقعة عند بدء التشغيل. لكن يبقى الانضمام لشركة ناشئة في المراحل الأولى من عمرها صفقة جيدة.

من ناحية أخرى، فإن الحقيقة أن بدء شركة ناشئة لا يمثل خطرا على مهنتك خصوصا اذا كنت جيدا من الناحية التقنية. سيكون أمامك فرص توظيف في حال فشلك. أغلب الناس لا يجيدون تقييم المخاطر. أنا شخصيا أعتقد أن الخطر سيكون أكبر عندما تحتفظ بوظيفة أمنة وسهلة وتترك فكرة مشروع لديك أنت شغوف به فعلا.

لكي تبدأ شركة ناشئة فأنت بحاجة إلى فكرة عظيمة (ذات سوق جيد) وفريق عمل رائع, ومنتج جيد وتنفيذ ممتاز.

إن المشاريع الريادية حقا والتي يمكن أن تعيش لعشرات السنوات هي تلك المشاريع التي تبدع شيئا جديدا فريدا لم يكن موجودا من قبل وهي ما أطلق عليه كل من Peter thiel و Blake Masters في كتابهما zero to one بالمشاريع التي تنقلنا من الصفر (أي اللاشيء) إلى الواحد (أي الشيء الجديد) وليس من الواحد إلى الأثنين أو الثلاثة مثلا والتي تنسخ مشاريع قائمة مع تعديلات عليها هنا وهناك. تلك المشاريع التي تحدث تغيرا في المجتمع وتستمر لعقود وتكتسب قيمة كلما مر الزمن.
Screenshot_2024-08-16_at_3.20.06_AM

الفكرة

إن أول شيء نسأله للشركات الناشئة هو ما الذي يقومون ببنائه ولماذا؟

نحن نبحث هنا عن إجابة واضحة وموجزة. وذلك ليتم تقييمك أنت كمؤسس وأيضا الفكرة ذاتها. من المهم أن تكون قادرا كمؤسس لشركة ناشئة على التفكير والتواصل بشكل واضح فأنت ستحتاج هذا كثيرا عند توظيف فريق العمل لديك، أو الحصول على تمويل أو للبيع ونحو ذلك. الأفكار بشكل عام تحتاج لأن تكون واضحة حتى تنتشر. الأفكار المعقدة في الغالب دائما ما تكون إشارة على تفكير مشوش أو ناتجة عن مشكلة ما. اذا لم تُثر الفكرة حماس بعض الناس في البداية عندما يستمعون لها فهذا أمر سيء.

تحدث ثيلر عن السر الخفي. فخلف كل مشروع ريادي ناجح سر خفي لا يراه الا مؤسسه، شيء فريد ذا قيمة واهمية لا ينتبه لها أحد ولا يعرف عنها أي فرد وفد لا يمكن تحقيقه بسهولة. هذا السر هو منبع التفرد والذي يمكن الريادي من الظهور والنجاح واخذ زمام القيادة دون أن يلتفت له أحد. ويعتمد هذا بشكل كبير على قدرة المؤسس أو المؤسسين على رؤية المستقبل وكيف سيكون هذا العالم بعد عشر أو عشرين سنة من الأن، وهذا يتطلب طريقة غير تقليدية في التفكير والتخيل والتصور والجراءة على البحث والاكنشاف. الاسرار موجودة في كل مكان وستظل موجودة وكل واحد منا قادر على اكتشافها، وعلى الشركة الريادية أن تعتمد في بنائها على أحد تلك الأسرار بل وتظل تبحث عن الاسرار أثناء نموها لتستمر وتبتكر وتنمو وتسبق الأخرين. تكرار أفكار موجودة لا يمكن أن يمثل سرا يحقق النجاح مهما كان مبتكرا لأنه سيدخل الريادي في المنافسة ولن يعطيه تلك الاسبقية التي تضمن استمراره.

أمر أخر نسأل عنه. من يحتاج منتجك حاجة ماسة.

في أفضل الحالات ستكون أنت أول مستخدم مستهدف من المنتج ، أو أنك على الأقل تفهم تماما وإلى حد كبير من هو المستخدم المستهدف من منتجك.

تأتي الكثير من الأفكار العظيمة نتيجة الحاجة التي كانت لدى مؤسسيها في البداية وبالتالي فأنت كمؤسس قد تكون العميل الأول لفكرتك مما يوفر فرصة كبيرة لتجربتها بشكل افضل وأيضا للتأكد من مستوى جودتها قبل أن تخرج لعملاء أخرين.

ففي حال كان للشركة الناشئة مستخدمين يستخدمون المنتج فنحن نسأل عن عددهم وسرعة نمو هذا العدد وتزايده, ونحاول أن نكتشف لماذا لا ينمو هذا العدد بسرعة أكبر, كما نحاول أن نعرف وبشكل خاص اذا كان المستخدمون يحبون المنتج فعلا أم لا. عادة يتم ذلك عندما يخبر مستخدمو المنتج اصدقائهم عن المنتج وينصحونهم بشرائه دون أي دعاية من الشركة المنتجة. كما نسأل ان كانت الشركة تحقق أي إيرادات ونسأل عن السبب في حال لم تتحقق أي إيرادات حتى الآن.

أما في حال أن الشركة لا تملك مستخدمين بعد ، فنحن نحاول هنا أن نجد اقل ما يمكن بنائه وتطويره في المنتج حتى يتم التأكد من الفرضيات التي قام عليها أي بمعني أننا نعود للوراء ونعتمد على الخبرة لنحاول أن نكتشف ما هي البذرة التي نبدأ بها.

أفضل طريقة لاختبار الفكرة هو إما أن يتم اطلاقها وننظر ماذا سيحدث، أو أن نحاول بيعها (من خلال مثلا الحصول على وعد بالشراء قبل كتابة أي سطر من البرمجة). بالنسبة للمنتجات الاستهلاكية فإنه من الأفضل أن يتم تصنيع المنتج أولا، لأن المستخدم قد يذكر لك بأنه سيستخدم المنتج نظريا لكن عند الممارسة العملية لا يقوم بشيء. أما بالنسبة للمنتجات الموجهة للمؤسسات والشركات فالوعد بالشراء كافٍ لكي تبدأ بالتطوير والبناء، لذلك فنحن نسأل عن أي خطاب بنية الشراء في هذه الحالة. أما بالنسبة لشركات المتخصصة بالتقنية الحيوية أو الصناعات الثقيلة فعادة ما نلجأ الى سؤال العملاء المحتملين ونحاول اكتشاف أصغر جزء من التقنية يمكن تطويره أولا.

الاعتماد فقط على سؤال العملاء المحتملين قد لا يوفر قاعدة صلبة يمكن البناء عليها في تطوير المنتج فآراء العملاء عادة ما تكون غير واقعية عندما يتعاملون مع شيء غير منظور أمامهم أو أنهم قد يميلون للمجاملة في رأيهم. لذلك حاول أن تدشن أقل حد ممكن ومقبول من منتجك بأسرع وقت لتعرف وقعه على العملاء ثم اعمد إلى التغيير فيه باستمرار. وهناك تجارب لشركات ناشئة تم بنائها في أسبوع واحد فقط بشرط أن تتوافر الفكرة والمنتج.

من الضروري أن تترك فكرتك تتطور من خلال ما يرِدك من المستخدمين. المهم أن تكون قادرا على فهم مستخدميك بشكل جيد فأنت بحاجة لذلك لتقييم فكرتك، ولبناء منتج رائع وشركة كبيرة.

وكما أشرت سابقا فالشركات الناشئة عمل صعب، تأخذ وقتا طويلا جدا وجهودا مضنية. المؤسسون والشركاء بحاجة إلى أن يكون لديهم شعور مشترك بالمهمة ليتمكنوا من تحمل المشاق المرتبطة بتأسيس شركة ناشئة. لذلك فنحن نسأل المؤسسين عن السبب الذي جعلهم يعمدون إلى أن يشرعوا ببناء هذه الشركة .

إضافة إلى ذلك فنحن نسأل كيف يمكن للشركة أن تصبح يوما ما محتكرة. هناك الكثير من المصطلحات التي يمكن استخدامها هنا لكننا استخدمنا هذا المصطلح كما جاء به بيتر ثيلز. نحن لا نعني هنا أن تتصرف الشركة بشكل غير أخلاقي مع المنافسين، بل نبحث عن الأعمال التي تستطيع أن تكون أقوى وقادرة على النمو ومن الصعب تقليدها.

لقد تحدث ثيلر عن الاحتكار أو السطيرة بمعني أن تكون الشركة الناشئة خارج أي منافسة, أي لا يوجد ما ينافسها في السوق لأن المنافسة هي القاتل الأول للمشاريع الريادية. فمحاولة سباق المنافسين والجري للحاق بهم وتخطيهم للحصول على حصة من السوق تستهلك قوى المشروع الريادي وأمواله وتجعله مقلدا للأخرين حتى لو كان مميزا عنهم. يجب أن يكون المشروع الريادي عندما يبدأ هو القائد وعندما ينجح سيحاول الآخرون اللحاق به وليس العكس. وبالتالي لابد أن يعتمد المشروع على فكرة لا يوجد لها منافس وهذا جوهر النجاح الحقيقي لأي مشروع ريادي والأصعب على الإطلاق. ولتحقيق ذلك يمكن أن يبدأ المشروع الريادي بفكرة أو منتج مبتكر ومحدد لسوق صغير لا يوجد فيه منافسة بحيث يمكن تقديم قيمة حقيقية فيه ثم يتم التوسع الي أسواق أخرى وذلك فقط عندما ينجح في خدمة ذلك السوق بكفاءة، هذا طبعا مع الاهتمام بالاسم التجاري المميز للمشروع من البداية والذي يخلق سمعة وصورة ذهنية معينة لدى العميل.

وأخيرا نسأل عن السوق. نسأل كم حجم هذا السوق اليوم وما هي سرعة نموه ولماذا سيصبح سوقا كبيرا خلال العشر سنوات القادمة. نحاول أن نفهم لماذا سينمو السوق بسرعة ولماذا هو سوق جيد لشركة ناشئة حتى تعمل به. نكون معجبين أكثر اذا كان هناك تغيير تقني حقيقي سيحدث لم يلاحظه أحد فالشركات الكبرى سيئة في معالجة هذا الأمر. لتستمر، عليك بملاحقة حصة كبيرة في سوق صغير.

أفكار أخرى تتعلق بالفكرة:

نحن بشكل عام نفضل الاشياء الجديدة على التقليدية أو الثانوية عند تقييمنا للأفكار. ففي الغالب فإن الشركات الكبرى بدأت بشيء جديد بالكلية (والتعريف المقبول لكلمة "جديد" هنا هو أن تكون أفضل بعشر مرات)، فإذا كان هناك عشر شركات أخرى بدأوا بالعمل في نفس الوقت على ذات الخطة فهم في الغالب يعملون على شيء مكرر وموجود بالفعل، مما يثير الشك في الفكرة.

والسبب الأساسي في ذلك هو أن القيام بشيء جديد أمر أسهل لكن لن تجد أحد يساعدك فيه، أما صنع شيء مكرر وموجود فهو أمر صعب لكنه مشجع للناس ليقوموا بمساعدتك فيه ومشاركتك.

تكمن الصعوبة في القيام بتكرار شيء موجود في عنصر المنافسة والمحاولة بشكل مستمر للتميز عن الأخرين وهذا ما لا يتوفر عند القيام بشيء جديد لا يوجد من ينافسك فيه. ولا يعني الحديث عن "فكرة جديدة" القيام بأمر خارق وأن كنا نتمنى ذلك. فقد تكون الفكرة جديدة بالمنتج ذاته أو في طريقة تصنيعه أو تسويقه أو نموذج العمل الذي يعتمد عليه.

إن أفضل الأفكار بدت سيئة في البداية لكنها في حقيقتها هي أفكار جيدة. لذلك فأنت لا تحتاج لأن تكتم فكرتك ان كانت جيدة فهي في الغالب لن تكون مغرية للسرقة من قبل الأخرين. وحتى إن كانت تستحق السرقة، فأعلم أن هناك أَلاف من الناس الذي يملكون أفكارا جيدة أكثر بكثير من هذؤلاء القادرين بالفعل على القيام بعمل ما لتحويل تلك الفكرة الجيدة إلى شركة عظيمة. فإن أخبرت الناس بما تفعل فقد تحصل على مساعدة منهم.

إخبار الناس والتحدث اليهم بفكرتك سيتثير البعض عندنا يستمعون لها لأول مرة لكن في الغالب سيقول الجميع عن فكرتك بأنها عقيمة أو سخيفة. ربما هم على حق، وربما هم ليسوا قادرين على تقيم شركة ناشئة، أو ربما يغارون منك. مهما كان السبب فهذا سيحدث بشكل كبير وسيؤلمك حتى لو اعتقدت بأنك لن تتأثر بذلك، لكنك ستتأثر حتما. كلما كان لديك القدرة على أن تحسن ثقتك بنفسك بسرعة وتقلل شعورك بالإحباط مما يقوله الآخرون عنك وعن فكرتك. كلما كنت أفضل. فمهما حققت من نجاح فإن أقوال الحاقدين حولك لن تتوقف.

ولكن ما هو الحال إن لم تكن لديك فكرة وتريد أن تبدأ شركة ناشئة؟ يُفضل في هذه الحالة أن لا تفعل. فمن الأفضل أن تأتي الفكرة أولا لتكون الشركة الناشئة بعد ذلك الوسيلة التي تخرج تلك الفكرة إلى العالم.. لقد حاولنا وقمنا بتجارب عديدة وموّلنا عددا من المؤسسين الواعدين بدون فكرة على أمل أن تأتي الفكرة الواعدة لاحقا بعد أن تتم عملية الدعم.

لكن جميعهم فشلوا. والسبب يعود إلى أن المؤسس الجيد يميل عادة لأن يملك عددا كبيرا من الأفكار الجيدة . وتاتي المشكلة الكبرى في أنك عندما تبدأ بتأسيس شركة ناشئة وتحاول الاستعجال في الحصول على فكرة، وبما أن الشركة أصبحت رسمية، فإن الفكرة لا يمكن أن تاتي مجنونة، فتخرج بالنهاية بفكرة تقليدية، وهذا هو الخطر الحقيقي.

لذلك لا تحاول اجبار نفسك على الاتيان بفكرة لشركة ناشئة. بل تعلم عن الكثير من الأشياء المختلفة. تمرن على ملاحظة المشاكل من حولك، في أشياء قد تبدو غير فعالة أو تقنيات تتغير بشكل كبير. اعمل في مشاريع جاذبة لك. أخرج وقابل الناس الاذكياء والمهمّين بالنسبة لك. وستظهر لك الأفكار.

Screenshot_2024-08-16_at_3.24.51_AM

فريق عمل جيد

الفرق العادية متوسطة المستوى لا يمكنها أن تبني شركات عظيمة. من أكثر الأشياء التي ننظر اليها عند تقييم الشركات الناشئة هي قوة المؤسسين. وعندما نذهب إلى الجولات اللاحقة من التمويل ننظر وبذات المستوى إلى قوة الموظفين الذي تم توظيفهم من قبل المؤسسين.

اعتبر بيتر بأن فريق العمل المتجانس أحد العناصر الأساسية لتحقيق النجاح في الشركات الناشئة. لا يوجد فرد واحد قادر على فعل كل شيء ولا يمكن للحظ أن يخلق النجاح. النجاح لا يتأتى الا من خلال عمل حقيقي عبر فريق عمل يملك المهارة لتحقيقه وقادر على تحويل الفكرة المبتكرة إلى حقيقية. وليست الكفاءة هي المحدّد الوحيد لتحديد أعضاء فريق العمل بل مدى تجانس فريق العمل وتكامل الأدوار التي يقومون بها. فإذا أحضر المؤسس شريكا له يماثله في القدرات والمهارات والميول فهو يقضي على شركته قبل أن تبدأ. يجب أن تكون طبيعة وميول وأدوار أعضاء فريق العمل مختلفة ولكن متكاملة ومتجانسة مع بعضها البعض، وليتحقق ذلك فلابد أن يكون فريق العمل على معرفة مسبقة ببعضهم البعض وأن يستمتعوا بالعمل في المشروع ويتفرغوا تماما له فالاعتماد على العمل الجزئي في بداية التأسيس لن يعكس النجاح المفروض. ان كنت مؤمنا بالفكرة التي تعمل من أجلها فيجب أن تتفرغ لها تماما ومقولة أن لا تضع بيضك كله في سلة واحدة لا تصلح مع المشاريع الريادية.

ما الذي يصنع مؤسسا عظيما؟ أهم الصفات تكمن في الاستمرارية والعزيمة والقدرة على الظهور وسعة الحيلة. إضافة إلى الذكاء والشغف والتي لها مكانة كبيرة أيضا. كل هذه الصفات أهم بكثير من الخبرة والموثوقية، فالخبرة هي اللغة التي تحتاج إلى اطار عمل لتكون فعالة.

لقد لاحظنا بأن أكثر المؤسسين الناجحين هم الناس الأقل توترا تجاه العمل لأنك تشعر بأنهم يقومون بالمهمة بغض النظر عن كيف يتم ذلك "أحيانا يمكنك أن تنجح من خلال قوة الإرادة".

يملك المؤسسون الجيدون عددا من الصفات التي عادة تبدو متناقضة. أحد أهم الأمثلة على ذلك امتلاكهم لصفتي الصلابة والمرونة في ذات الوقت. فأنت بحاجة لأن تملك ايمانا قويا بجوهر الشركة ومهمتها ولكن في ذات الوقت يتطلب منك أن تكون مرنا جدا وقادر على تعلم أشياء جديدة عن كل شيء تقريبا. لدي أفضل المؤسسين استجابة سريعة لما حولهم على نحو غير عادي. وهذا إشارة إلى الحسم والتركيز بكثافة والقدرة على انجاز الأمور.

المؤسسون الذين يجدون صعوبة في التحدث هم في العادة سيئون، فالتواصل مهارة مهمة جدا للمؤسسين وفي الحقيقية هي أهم مهارة للمؤسس والتي لا يتم مناقشتها عادة.

الشركات الناشئة بحاجة على الأقل لأحد المؤسسين ليكون قادرا على بناء المنتج أو الخدمة التي ستقدمها الشركة .وعلى الأقل لمؤسس آخر قادر على أن يكون جيدا في المبيعات والتحدث مع المستخدمين. وقد يكونا كلاهما ذات الشخص.

خذ في الاعتبار هذه العوامل المهمة في اختيار الشريك المؤسس (co-founder) فهو أهم قرار سوف تتخذه وهو الذي عادة ما يتم اتخاذه بشكل عشوائي. أنت بحاجة لشخص تعرفه جيدا لا لشخص قابلته في أحد الاجتماعات أو المناسبات. لأنك تستطيع تقييم أي شخص عملت معه من خلال ما تملك من بيانات عنه فأنت هنا في أمس الحاجة لأن لا تخطىء في تقييمك. إضافة إلى أنه إن كان هناك علاقة سابقة مع الشريك المؤسس فإن أي واحد منكما لن يسمح للطرف الأخر بالفشل عند حدوث أي تراجع في أداء الشركة وستستمران بالتقدم. الانفصال بين المؤسسين أحد أهم الاسباب التي تقود لفشل الشركات الناشئة في بداية عهدها وقد رأينا ذلك في حالات كثيرة. بل وكثيرا ما يحدث ذلك في الحالات التي يتقابل فيها المؤسسون للتعبير عن الغرض الأساسي من بدء الشركة.

إن أفضل الحالات أن يكون لديك شريك مؤسس جيد ثم أن تكون أنت المؤسس الوحيد. وأسوأ احتمال أن يكون لديك شريك مؤسس سيء. فإذا كانت الأمور لا تسير معك بالشكل المطلوب بهذا الصدد، فيجب المبادرة بسرعة وعدم الانتظار.

تتجنب الكثير من مسرعات الأعمال تلك الأفكار الواردة من شخص واحد، وقد تكون محقّة في ذلك حيث أن أغلب المشاريع الناجحة هي تلك التي جاءت من شخصين على الأقل. لكن هذا لا يمنع من أن هناك بعض المشاريع الناجحة التي أسسها مؤسس واحد، فوجود مؤسس واحد أفضل بكثير من وجود شركاء متنازعين. قد تكون من أصعب الأمور في ريادة الأعمال هي البحث عن شريك عمل وربما اصعب من البحث عن شريك الحياة.

ملاحظة مهمة هنا تتعلق بتقاسم ملكية الشركة. فمن الأفضل أن لا يترك هذا الأمر لأنه يصبح اصعب مع الوقت، من الافضل الاتفاق عليه مبكرا. الحصص المتقاربة هي الأفضل لكن ربما في حال الشريكين فمن الأفضل أن يملك أحدهما سهم ملكية يزيد عن الأخر لمنع حدوث أي مأزق عند وجود مشاكل لدى المؤسسين.

Screenshot_2024-08-16_at_3.28.46_AM

منتج عظيم

اليك سر النجاح: أن تملك منتجا عظيما. هذا هو الشيء الوحيد الذي تشترك فيه جميع الشركات الناجحة.

إذا لم تقم ببناء منتج يحبه المستخدمون فأنت ستفشل في نهاية المطاف. يبحث المؤسسون دائما عن حيلة ما في هذا الصدد لكن الشركات الناشئة هي المكان الذي لا تنجح فيه أية حيلة.

المنتج العظيم هو الطريق الوحيد لتنمو على المدى البعيد. ففي النهاية شركتك ستصبح كبيرة والنمو الخارق سيتوقف ولن تستطيع أن تنمو بعد ذلك الا بالمستخدمين الذي يريدون استخدام منتجك. هذا اهم شيء لتفهم طبيعة الشركات فائقة النجاح. لا يوجد أي طريق أخر. فكّر في الشركات التقنية الناجحة فعلا، جميعهم فعلوا ذلك.

أنت بحاجة لأن تبني محركا لتطوير المنتج في شركتك. يجب أن تتحدث إلى المستخدمين وتراقبهم وهم يستخدمون منتجك اكتشف ما هي الأجزاء من منتجك التي دون المستوى واعمل على جعلها أفضل. وكرر ذلك. ينبغي أن تكون دورة العمل تلك هي النقطة المحورية لشركتك وهي التي ينبغي أن تقود كل شيء آخر. إذا قمت بتحسين منتجك بمعدل 5% أسبوعيا فهذا سيؤثر فعلا.

وكلما قمت بإعادة هذه الدورة بمعدل أسرع كلما استطاعت الشركة أن تنجح. نحن في مسرعة الأعمال كنا نخبر المؤسسين بأن عليهم أن يبنوا المنتج ويتحدثون للعملاء وليس أي شيء أخر، بجانب طبعا الأكل والنوم والرياضة وقضاء وقت ممتع مع من يحبون.

ولكي تقوم بدورة العمل تلك بشكل صحيح يجب أن تكون قريبا جدا إلى مستخدمي منتجك. قريبا بالمعنى الحرفي من خلال مراقبتهم وهم يستخدمون منتجك. أذهب إلى مكاتبهم إذا كان ذلك ممكنا. فيّم ما سيقولونه لك وما يقومون به فعلا. ينبغي ألا يكون هناك أي حواجز بين المؤسسين والمستخدمين لأطول فترة ممكنة وهذا يعني بطبيعة الحال بأن المؤسسين سيمارسون أعمال المبيعات وخدمة العملاء ونحوها.

افهم مستخدمي منتجك قدر إمكانك. حاول بكل جهد أن تكتشف ما الذي يحتاجونه وأين يمكن أن تجدهم وما الذي يمكن أن يجعلهم علامة فارقة في مسيرة شركتك.

فعل أشياء لا يمكن أن تنمو أصبح بحق تعويذة الشركات الناشئة. أنت بحاجة لأن تجنّد المستخدمين لاستخدام منتجك واحدا تلو الأخر (Ben Silbermann ذهب إلى المقاهي وقابل أناسا غرباء هناك وطلب منهم أن يجربوا منتجه Pinterest) وبعد ذلك طور شيئا كما طلبه الناس. الكثير من المؤسسين يكره ذلك فهم يفضلون الإعلان عن منتجهم عبر الاعلام لكن هذا في الغالب لا ينجح. جنّد المستخدمين بشكل مباشر لمنتجك وأجعل منتجك يصل إلى الدرجة التي تجعل هؤلاء المستخدمين يتحدثون هم عن منتجك لأصدقائهم.

كما أنك بحاجة لتجزئة الأمور إلى أجزاء صغيرة وأن تستمر في تكيف منتجك مرة بعد أخرى. لا تحاول أن تخطط لمدى بعيد وقطعا لا تحاول أن تطلق كل شيء دفعة واحدة للعامة. أنت بحاجة لأن تبدأ بشيء بسيط بل بأقل مساحة ممكنة وأطلقه في وقت أقرب مما قد تعتقد. في الحقيقية البساطة هي دائما أمر جيد فينبغي أن تحافظ دائما على شركتك ومنتجك بأبسط شكل قدر الإمكان.

تحدث ثيلر عن المرونة كعنصر أساسي في الشركات الناشئة. فلا يمكن للمشاريع الريادية أن تنجح نتيجة خطة عمل طويلة الأمد وأرقام دقيقة، هي تنجح نتيجة عمل ابتكاري فريد ومبدع. لذلك يجب أن تكون الخطط الموضوعة مرنة قابلة للتعديل والتغير في أي وقت. من المهم ان تكون هناك مرونة في احداث التغيير في الخطة الموضوعة عند الحاجة وهذا يشمل التكاليف والأسعار وغيرها وحتى بيئة العمل والتعامل مع الموظفين والذي ينبغي أن يكون مرنا غير تقليدي فلا مكان لأوقات الدوام الثابتة والمكاتب الباردة. كما يجب اختيار الوقت المناسب لبدء كل مرحلة من مراحل نمو المشروع وعدم التسرع وذلك بعد التأكد إن النجاح قد تم بشكل فعلى في كل مرحلة.

أحد أكثر الأسئلة التي نسألها للشركات الناشئة هي هل يستخدم المستخدمون منتجك أكثر من مرة؟ هل هم متعصّبون لمنتجك؟ هل سيتأثرون بشكل حقيقي في حال فقدوا ذلك المنتج. هل يقومون بالتوصية للأخرين لاستخدام منتجك دون أن تطلب منهم؟ وإذا كنت تعمل مع شركات، فهل لديك عشر عملاء يدفعون لمنتجك؟

أذا كانت الإجابة بـ "لا" فهذا يعني أن هناك مشكلة كامنة في المنتج فنطلب منهم أن يعملوا على تحسينه ليكون أفضل. أتشكك دائما في كل تلك الأعذار التي يطلقها المؤسسون والتي تبرّر عدم نمو الشركة، فالغالب أن السبب الحقيقي هو أن المنتج ليس جيدا بالقدر الكافي.

عندما تكون الشركة الناشئة غير متأكدة مما ستفعله بمنتجها في المرحلة التالية أو أن المنتج ليس جيدا بما يكفي فعندئذ نرسلهم إلى المستخدمين ليتحدثوا معهم. بالطبع هذا لا يمكن تحقيقيه في جميع الحالات فمستخدم الفورد مثلا سيطلب دائما بأن تكون سيارته أسرع، لكن هذا يعمل غالبا. في الحقيقة وبشكل عام عندما يكون هناك خلاف ما حول أي شيء يتعلق شركتك فأذهب وتحدث إلى مستخدمي منتجك.

يبدو أن أفضل المؤسسين يعتنون أكثر بجودة المنتج حتى في تلك التفاصيل غير المهمة. على ما يبدو أن ذلك يؤتي ثماره. بالمناسبة فإننا عندما نتحدث عن المنتج نتحدث عن كل ذلك التفاعل الذي يتم بين المستخدم والشركة فأنت بحاجة لأن تقدم دعما جيدا وعلاقات مبيعات جيدة وهكذا.

تذكر إن لم تصنع منتجا عظيما فلا يوجد أي شيء آخر سيحميك.

قد تكون التقنية المبتكرة سرا لنجاح منتجك. فالمشاريع التي تعتمد على تقنية أو خلطة هندسية جديدة ومبتكرة لا يمكن نسخها أو تقليدها أو استبدالها بسهولة. وهذا ما تهمله الكثير من المشاريع التي تعتمد على فكرة مبتكرة فهي تهمل التقنية التي تستخدمها في بناء تلك الفكرة ولا تضعها في جل اهتمامها مما يفقد تلك الفكرة بريقها ويجعلها هشة قابلة للسقوط في أي لحظة أو للنسخ والتكرار من قبل الأخرين. التقنية هي ما يقود أي ابتكار وهي ما يمكن أن يحدث تغيرا كبيرا في المجتمع. لاحظ أن التقنية المبتكرة وحدها لن تنجح دون أن يكون العمل البشري جزءا منها، يجب أن تختلط تلك التقنية بالعمل البشري المبدع فلا تكون آلية جامدة، فالتقنية لا يمكن أن تعمل وحدها أو أن تكون بديلا عن العمل البشري المحترف.
Screenshot_2024-08-16_at_3.33.31_AM

تنفيذ قوي

على الرغم بأن بناء منتج عظيم شيء أساسي الا أن الأمر لم ينتهي بعد. فأنت ما زلت بحاجة لأن تحول ذلك المنتج إلى شركة عظيمة ويجب أن تفعل ذلك بنفسك. فمجرد تخيل أنه يمكن أن تأتي بمدير ذا خبرة للقيام بتلك المهمة فهذا مقبرة للشركات الناشئة، رغم أنه أمر شائع جدا. لا يمكنك توكيل أحد غيرك بهذا العمل لفترة طويلة.

بالتأكيد الأمر واضح, لكنك بحاجة لجلب المال! وهذا هو الوقت المناسب لتبدأ بالتفكير كيف سيتم فعل ذلك؟

الوصف الوحيد المتعارف عليه للرئيس التنفيذي CEO هو أنه هو المسؤول عن التأكد بأن الشركة ستنجح. يمكنك أن تفعل ذلك كمؤسس حتى لو لم يكن لديك كل المهارات اللازمة للقيام بمهمة المدير التنفيذي بالشكل الطبيعي طالما كان بإمكانك توظيف الأشخاص الذي يمكنهم إكمال تلك المهارات التي لا تملكها، على أن تدعهم يقومون بأعمالهم. المدير التنفيذي ذا الخبرة والذي يحمل شهادة ماجستير براقة في إدارة الأعمال ربما لا يملك ذلك النقص في المهارات التي فيك، لكنه لن يفهم مستخدمي منتجك كما يجب ولن يملك الموهبة في التعامل مع منتجك مثلك ولن يهتم بالشكل المطلوب كما تهتم أنت.

Screenshot_2024-08-16_at_3.37.36_AM

النمو

النمو والزخم هي مفاتيح العمل العظيم. فالنمو (إن لم يكن مجرد أن تبيع منتجا بدولار وقد كلفك 90 سنتا) يحل لك كل مشاكلك، وفقدانه لا يمكن أن يتم إصلاحه الا بالنمو. إذا كنت تنمو فأنت حتما ستشعر بأنك منتصر وأن موظفيك سعداء. إذا كنت تنمو فهناك مسؤوليات وأدوار جديدة ستأتي مع مرور الزمن مما يعطي شعورا لموظفيك بأن هناك تقدم وظيفي يحدث. أما إن كنت لا تنمو فهذا سيشعرك بأنك تخسر وموظفيك غير سعداء معك بل وقد يتركون العمل. إن كنت لا تنمو فإن الصراع بين موظفيك سيتفاقم حول المسؤوليات التي لا تزداد أو تتطور.

المؤسسون والموظفين الذي يتم استنفاذهم بسرعة سيعملون في الشركات الناشئة بلا زخم. من الصعب التعبير عن مدى الإحباط الحاصل هنا.

أهم توجه عند تنفيذ أي عمل هو عدم فقدان الزخم، ولكن كيف تفعل ذلك؟

أهم شيء أن تجعل هذا الأمر أولوية قصوى بالنسبة لك وذلك عبر وضع مقياس واضح للنمو. فالشركة تفعل دائما ما يقوم المدير التنفيذي بقياسه. من المقيد أن تملك مقياسا واحدا تعتمد عليه الشركة في تحسين أدائها، وتأكد بأن الوقت الذي تقضيه في وضع مقياس صحيح للنمو سيكون مجديا. إذا كنت تهتم بالنمو ووضعت حدا للتنفيذ فالجميع سيركز في تحقيقه.

اليك مثالين لذلك:

قام مؤسسو Airbnb برسم شكل بياني للنمو المستقبلي الذي يهدفون له ووضعوه في كل مكان، على الثلاجة، وفوق مكاتبهم، على مرآة الحمام الخاصة بهم. فإذا قاموا بتحقيق الأرقام التي تم تحديدها في ذلك المقياس خلال الأسبوع، فالأمر على ما يرام. أما إن لم يستطيعوا ذلك فسيكون محور أحاديثهم عن أسباب الإخفاق في تحقيق المطلوب.

وقد قال مؤسس الفيسبوك Mark Zuckerberg بأن أهم ابتكار قام به الفيسبوك هو تأسيسهم لمجموعة عمل للنمو عندما أصبح النمو لديهم بطيئا. لقد كانت هذه المجموعة وربما ما زالت واحدة من أهم المجموعات في الشركة والجميع يعرف مدى أهميتها.

احتفظ باستمرار بقائمة بالأشياء التي تمنع النمو وتحدث كشركة عن كيفية تحقيق ذلك النمو بشكل أسرع. إذا كنت تعرف ما هي المحددات التي تمنعك من النمو فإن عليك أن تعمل على معالجتها.

أسال نفسك دائما وفي أي شيء تقوم به هل يساعد ذلك على تحسين النمو؟ فمثلا الذهاب لمؤتمر ما قد لا يكون دائما أحد الطرق التي تساعد على تحسين النمو الا إذا كنت تتوقع أن تبيع الكثير هناك.

الشفافية العالية داخليا في الشركة حول مقياس النمو المستخدم والأمور المالية أمر من الجيد فعله. لأسباب معينة، فإن المؤسسين دائما ما يتخوفون من ذلك. لكن ذلك أمر مهم لجعل الشركة بأكملها تركز على النمو. ويبدو أن هناك ارتباط مباشر بين تركيز الموظفين في المقاييس التي تعتمد عليها الشركة وكيف يؤدون عملهم.

إن التحدث عن المقاييس يجب أن لا يؤدي إلى الانخداع بالمقاييس الباطلة والتافهة. فالخطاء الشائع أن يتم التركيز على المستخدمين الذين يقومون بالتسجيل للحصول على منتجك وتجاهل عدد العملاء الذين يتم الاحتفاظ بهم فعلا. الاحتفاظ بالمستخدم مهم جدا لعملية النمو تماما كالحصول على مستخدمين جدد.

كما أنه من المهم التأسيس لإيقاع داخلي في الشركة يحافظ على الدافعية. أنت بحاجة للحفاظ على تقدم جديد دائما من خلال مزايا، عملاء، موظفين، إيرادات ذات معلم، شراكات والتي يمكنك أن تتحدث عنها سواء داخليا أو خارجيا.

يجب أن تضع حدودا صارمة للأهداف التي يمكنك الوصول لها ولما يمكن أن تحققه من تقدم في الإيرادات الشهرية. احتفل بالنجاح! تحدث داخليا بشكل دائم عن استراتيجية العمل، وأخبر الجميع بما تسمعه من العملاء، فكلما شاركت معلومات أكثر مع موظفيك (سيئة أو جيدة) كلما كان ذلك أفضل.

هناك بعض الفخاخ التي يقع فيها المؤسسون عادة. أحدها عندما تكون الشركة في حالة نمو جنوني ولكن تبدو جميع الأمور سيئة وغير فعالة بشكل كبير، فيقلق الجميع بأن كل شيء ذاهب إلى النهاية. ولكن عمليا هذا لا يحدث الا نادرا (شركة Friendster الناشئة أحد الأمثلة التي حدث مؤخرا والتي انهارت بسبب شكوك تقنية كان يمكن حلها). إن من المنطقي أن تنمو الشركة بسرعة حتى لو كان ذلك ليس بالشكل الأمثل، كل ما تحتاجه أن تصلح الأمر لتنمو أكثر. أفضل استثماراتي كانت في الشركات التي كانت تنمو فعليا بسرعة ولكن دون المطلوب بشكل لا يمكن تصديقه مما يجعل الشركة مقيمة بأقل من قيمتها.

وفخ آخر مرتبط بذلك أيضا وهو التفكير بالمشاكل التي يمكن أن تحدث على المدى البعيد مستقبلا. مثلا ما الذي سنفعله عندما نبدأ بالبيع على نطاق واسع؟ والاجابة على تلك الأسئلة ببساطة هي أن تكتشف كيف تتعامل مع ذلك عندما يحين وقته. فالشركات الناشئة تفشل وتموت بسبب المجادلة حول سؤال كهذا أكثر من أنها لم تفكر بهذا الامر بالشكل الكافي. أفضل قاعدة هنا هي أن تفكر فقط في كيف ستسير الأمور بحجم الشركة أكبر مما هي عليه بعشرة مرات من الآن وليس أكثر. إن على الشركات الناشئة في بداية عهدها أن تتجاهل كل تلك الأشياء التي لا تساعد على التدرج في النمو. كمثال على ذلك، جميع الشركات الناشئة الجيدة تملك خدمات عملاء متميزة في بداية عهدها أما الشركات الناشئة السيئة فهي التي تقلق أكثر بشأن تكلفة وايراد وحدة المنتج Unit economics، وهذا لن يساعد على التدرج والنمو. إن خدمة العملاء المميزة هي التي ستصنع الشغف لدي المستخدمين الأوائل للمنتج فكلما تحسن المنتج كلما قلت الحاجة للدعم لأنك ستعرف تماما المشاكل التي واجهت عملائك فتقوم بتحسين المنتج أو الخدمة وفقا لها مما يساعدك على التدرج في النمو (بالمناسبة هذا أفضل مثال: امتلك خدمة عملاء مميزة)

وهناك أمر مهم هنا، فالقيام بالأمور التي لا تساعد على التدرج في النمو لا يعفيك من حاجتك لكسب المال في النهاية. فلا بأس من أن يكون لديك ايراد سيء لوحدة المنتج في الأيام الأولى لكن يجب أن يكون لديك السبب الكافي فيما بعد للاهتمام بتكلفة وحدة المنتج وايراداتها لأن ذلك في النهاية هو من سيساعد على الحصول على المال.

وفخ أخر يقع فيه المؤسسون وهو الحصول على الشعور بالإحباط نتيجة أن الأرقام سيئة حتى لو كانت جيدة كنسبة مئوية. فحدس الناس عادة سيء بالنسبة للتعامل مع النسب المئوية للنمو. ذكر فريق عملك بذلك وأن جميع الشركات العملاقة بدأت بالنمو من أرقام صغيرة.

قد تزداد مبيعاتك بنسبة مئة بالمئة لكنها كرقم قد لا تتجاوز الألف دولار مثلا. الرقم سيء لكن النسبة جيدة وهذا الأهم. نحن نشعر بالأرقام أكثر لكننا نهمل النسب وهي ما ينبغي أن تكون الأكثر أهمية في تقييمنا للأمور.

وأكبر فخ يقع فيه المؤسسون هو الاعتماد فقط على ايمانهم بأنهم سيحققون النمو ولكن في الواقع العملي هذا لا يحدث ويحتاج لفترة طويلة من الزمن لتحقيقه. من الأمثلة الشائعة لذلك تلك الصفقات مع الشركات الأخرى التي يرافقها صخب اعلامي. إحذر من ذلك وأفهم بأن مثل هذه الأمور لا تعمل بشكل فعال وبدلا من ذلك حاول أن تنمو بالطريقة التي اتبعتها الشركات الكبرى من خلال تطوير منتج يحبه مستخدموه وتجنيد المستخدمين له من خلال عمل بشري أولا واختبار استراتيجيات عديدة لتحقيق النمو بعد ذلك كالإعلانات وبرامج الولاء ونشاطات البيع والتسويق...ونحوها فتعمل أكثر على تلك الوسائل التي تؤتي نفعا. اسأل عملائك أين يمكن إيجاد أشخاص مثلهم.

تذكر أن البيع والتسويق ليست كلمات سيئة. فعلى الرغم بأنها لن تحميك إن لم يكن لديك منتج جيد لكنها ستساعد بشكل ملحوظ على تسريع النمو. وإذا كن منتجك يخدم الشركات فإن المبيعات والتسويق متطلب أساسي حتى تستطيع التعامل معهم.

لا تكون متخوفا من المبيعات بشكل خاص فعلى الأقل أحد المؤسسين يجب أن يكون بارعا في الطلب من الناس أن يستخدموا منتجك ويطلب المال مقابل ذلك.

لقد قام Alex Schultz بتقديم محاضرة عن تحقيق النمو للمنتجات الاستهلاكية تستحق المشاهدة. بالنسبة للشركات التي تبيع لشركات، فأعتقد أن الاجابة الصحيحة هنا هي في الغالب أن تتبع نمو الإيرادات بشكل شهري وأعلم أنه كلما كانت دورة البيع طويلة كلما كانت الشهور الأولى أكثر بشاعة رغم أنه في بعض الأحيان البيع لشركات ناشئة أخرى كعملاء أولين قد يحل هذه المشكلة.

Screenshot_2024-08-16_at_3.40.29_AM

التركيز والعمل المكثف

إذا كان عليّ أن أختصر نصيحتي في كيفية تشغيل شركة ناشئة فيمكن أن اختصرها بكلمتين: التركيز والعمل المكثف. تلك الكلمتين تنطبق على أفضل المؤسسين الذي عرفتهم.

هم يركزون في منتجهم ونموه بلا هوادة. وهذا لا يعني أنهم يحاولون فعل كل شيء بل في الحقيقية هم قادرون على قول لا بكثرة (وهذا أمر صعب لأن طبيعة الناس التي تقدم على بدء شركات هم الناس الذين يحبون فعل أشياء جديدة).

كقاعدة عامة، لا تجعل شركتك الجديدة تبدأ بالأمر التالي قبل أن تتمكن من السابق. لا يوجد شركة كبري أعلمها بدأت بأكثر من شيء في ذات الوقت بل بدأوا بقناعات كبيرة حول شيء واحد فقط يستمرون عليه. يمكنك أن تفعل أشياء اقل بكثير مما كنت تعتقد وتنجح. إن أكثر اسباب فشل الشركات الناشئة شيوعا هو القيام بأكثر من عمل خاطئ في ذات الوقت. وضع الأولويات عنصر جوهري وصعب أيضا، يتساوى مع ذلك وضع الأولويات التكتيكية الخاصة بك. لقد وجدت بأن أفضل شيء يمكن فعله بالنسبة لي شخصيا كتابة قائمة بالقلم والورقة لكل يوم بالمهام الأساسية الثلاثة التي عليّ القيام بها و30 مهمة ثانوية أخرى وكذا الحال مع قائمة الأعمال اللازمة لتحقيق الأهداف السنوية.

مع أن أغلب المؤسسين للشركات الناشئة لا يقومون بمشاريع كبيرة إلا أنهم في أي عمل يقومون به يقومون به بشكل مكثف. هم ينجزون الأمور بسرعة كبيرة جدا. هم حاسمون وهو أمر صعب عندما تدير شركة ناشئة حيث ستحصل على الكثير من النصائح المتضاربة من هنا وهناك لأن هناك أكثر من طريقة للقيام بذات الشيء ولأن هناك الكثير من النصائح السيئة ايضا. المؤسسون الجيدون يستمعون لكل تلك النصائح وبسرعة يعمدون إلى اتخاذ قرارهم الخاص.

لاحظ أن ذلك لا يعني فعل كل شيء بشكل مكثف فهذا مستحيل. عليك اختيار الأمور الصحيحة التي تقوم بها. وكما قال Paul Buchheit أوجد الطرق التي تمكنك من الحصول على 90% من النتائج بـ 10% من الجهد. فالسوق لا يُعنى كثيرا بالجهد الذي تبذله للقيام بالعمل بل يُعني بأنك تقوم بالشيء الصحيح.

من الصعب أن تكون مهووسا بجودة منتجك وفي ذات الوقت تنمو بسرعة لكن هذا أكثر ما يرويه المؤسسون الناجحون.

لم أرى أبدا مؤسسا لشركة ناشئة ناجح وفي ذات الوقت بنمو ببطء.

أنت لن تكون مختلفا عن الشركات الناشئة الأخرى فأنت بحاجة لأن تبقي مركزا وفي ذات الوقت تنمو بسرعة. الشركات التي تقوم ببناء الصواريخ والمفاعلات النووية ما زالت قادرة على القيام بذلك. جميع الشركات الفاشلة ادّعت بأنها مختلفة عن الأخرين ولا تحتاج لأن تنمو بسرعة.

عندما تتلمس بأن الشيء الذي تعمل عليه يسير بشكل جيد، استمر. لا تشتت انتباهك وتقوم بشيء أخر. ولا تخفف من سرعتك أو تستسلم.

لا تنشغل بالحصول على نجاح مبكر فلن تحصل على بداية واعدة من خلال الذهاب إلى المناسبات والتحدث بكثرة في المؤتمرات. إن أمام مؤسسي الشركات الناشئة الذين بدأوا بالحصول على بعض النجاح الخيار بين مسارين إما الاستمرار بالقيام بالعمل الذي يقومون به لتطوير منتجهم، أو قضاء الكثير من الوقت بالتفكير بالسمعة الشخصية والاستمتاع بأنه مؤسس شركة ناشئة.

من الصعب رفض المؤتمرات والتحقيقات الصحفية فهي تشعر بالرضى كما أنه من الصعب رؤية المؤسسين الآخرين في منطقتك يحصلون على الاهتمام وأنت لا. لكن اعلم أن هذا لا يستمر طويلا، لأن الإعلام سيكتشف لاحقا من هو الفائز الحقيقي. فإذا كانت شركتك ناجحة فعلا فأنت ستحصل في نهاية المطاف على اهتمام أكثر مما كنت تريد. في اقصى الحالات فإن الدعاية التي ترافق المؤسسين في المراحل الأولى هي في الحقيقية موجودة فقط على التلفاز وليست موجودة في الواقع وفي الغالب هم يفشلون.

التركيز والعمل المكثف هي الفائز الحقيقي على المدى البعيد. وقد قال Charlie Rose في أحد المرات بأن الأشياء يتم انجازها في هذا العالم من خلال الدمج بين التركيز والعلاقات الشخصية وهذا في الغالب كان عائقا بالنسبة لي.

Screenshot_2024-08-16_at_3.43.02_AM

وظائف المدير التنفيذي

كنت قد اشرت سابقا إلى أن التعريف الأشمل لوظيفة المدير التنفيذي هي التأكد بأن الشركة ستنتصر. ورغم أن تلك هي الحقيقية، أريد التحدث أكثر بشكل خاص كيف ينبغي للمدير أو المديرة التنفيذية أن يقضي وقته.

يتوجب على المدير التنفيذي أن يقوم بالمهام التالية:

  • وضع الرؤية والاستراتيجية للشركة.
  • التعريف بالشركة وقناع الناس بها.
  • توظيف وإدارة فريق العمل خصوصا في المناطق التي لدي المدير التنفيذي فيها نقص.
  • الحصول على المال والتأكد بأن الشركة تملك ما يكفي من المال لتعمل.
  • وضع حدود لجودة العمل.

أضف إلى ذلك أن عليك أن تجد أكثر الأجزاء في شركتك الذي تحبه وشارك بالعمل فيه.

أحد النصائح التي يقدمها Pardeep Goyal وهو أحد ريادي الأعمال والكتّاب في هذا المجال هو أن يشارك المدير التنفيذي بنفسه في العمل في الأمور التقنية المرتبطة بشركته حتى لو لم يكن تقنيا حتى يعرف أكثر عن المنتج الذي يقدمه للناس وأن لا يكون ضمن تحكم التقنيين ويستطيع اتخاذ قراره بشكل أفضل، عليه أن يشارك في البرمجة وكتابة الكود مع التقنيين سواء الموظفين أو المؤسسين الشركاء قدر الإمكان.

وكما أشرت في البداية، إنه عمل مكثف فالشركة ستشغل تفكيرك طوال الوقت. إذا نجحت فإن ذلك سيأخذك إلى مستوى في حياتك لم تكن تتخيله. التركيز الشديد والعمل المكثف إلى أقصى حد يعني أن هذا ليس الخيار الأفضل للموازنة بين الحياة والعمل. ستتمكن فقط من الاهتمام بأمر أخر مهم بالنسبة لك بجانب شركتك وهي عائلتك وربما القيام ببعض النشاطات الأخرى ولكن ليس أكثر من ذلك. فأنت مطالب بأن تكون دائما جاهز للعمل فلديك الكثير من القرارات التي ينبغي عليك أنت أن تتخذها بنفسك مهما كانت بارعا في قدرتك على تفويض الصلاحيات للأخرين.

ينبغي أن تهدف دائما لأن تكون فائق الاستجابة لفريق العمل لديك وللعالم الخارجي من حولك، وأن تكون دائما واضحا في استراتيجيتك وأولوياتك، وتعرض كل شيء مهم، وتُنفذ بسرعة خصوصا عندما يتعلق الامر باتخاذ قرارات لا يستطيع الآخرون اتخاذها. كما ينبغي أن تتبنى سلوك "فعل كل ما يلزم" تجاه الكثير من الأحداث البطيئة والمملة والغير سارة. التي ستمر بك. افعل ذلك وسيقتضي بك فريق العمل.

إدارتك لحالتك النفسية أمر صعب جدا لكنه مهم جدا ايضا. قد تكون هذه المقولة مستهلكة لكنها هنا حقيقية. فالاختلافات في الحالة النفسية ارتفاعا وانخفاضا مكلف وإن لم تجد طريقة للحفاظ على مستوى نفسي معين أمام الأخرين فستعاني. كونك مديرا تنفيذيا فأنت وحيد في شركتك. وبالتالي فمن المهم أن تكون لك علاقات مع مدراء تنفيذين أخرين يمكنك التواصل معهم عندما يكون كل شيء ليس على ما يرام (من أهم اكتشافاتنا في مسرعة الأعمال هو أن يكون للمدير التنفيذي قرناء).

الشركة الناشئة الناجحة تأخذ وقتا طويلا جدا. في الحقيقية وقت أطول مما قد يعتقده أغلب المؤسسين في البداية. لا يمكنك التعامل معها على أنها عمل يوم وليلة وينتهي. يجب أن تأكل بشكل جيد وتنام بشكل جيد وتمارس الرياضة وتقضي وقتا مع عائلتك وأصدقائك وفي ذات الوقت أنت بحاجة لأن تعمل في المجال الذي أنت شغوف فيه، لا شيء آخر سيمكنك من الاستمرارية لعشر سنوات.

كل شيء سيشعرك بالخيبة طيلة الوقت. تنوع وحجم المصائب التي ستحل بك ستفاجئك. وظيفتك أن تصلح الأمر برسم الابتسامة على وجهك وتطمئن فريق العمل لديك بأن كل شيء سيكون على ما يرام. عادة لا تكون الأمور سيئة كما قد تبدو، لكن أحيانا قد تكون سيئة بالفعل. في جميع الحالات فقط حافظ على تقدمك ونموّك واستمر.

لا يسعى المدير التنفيذي إلى التماس الاعذار. الكثير من الأشياء السيئة وغير العادلة ستحدث ولكنها حينها لا تقل لنفسك أو لفريق العمل لديك "لو كان لدينا تمويل أكثر" أو "لو كان لدينا مهندس أخر" إنما اكتشف الطريقة الأفضل لكي يتم الأمر أو ما الذي يجب القيام به لو لم يتم الأمر. بشكل عام الناس الذين يسمحون لأنفسهم بالتماس الأعذار غالبا ما يفشلون، وهكذا الحال أيضا بالنسبة للمدراء التنفيذين والشركات الناشئة ففي الغالب يفشلون ايضا. يمكنك أن تشعر بالضيق لما تتعرض له لدقيقة ولكن بعد ذلك تدارك نفسك وأدرك بأنك أنت من يجب عليه أن يجد الحل. أسعى لأن تقول للناس أن فلانا (وهو أنت) قادر دائما على القيام بالمهمة بطريقة أو بأخرى.

لا يوجد مؤسس شركة جديد يعرف ما الذي ينبغي فعله. إن مستوى فهمك لذلك وطلبك المساعدة من الآخرين سيجعلك أفضل حالا. فالأمر يستحق استثمار الوقت لكي تتعلم حتى تصبح قائدا ومديرا جيدا. وأفضل طريقة لتفعل ذلك هو أن تجد مرشدا فقراءة الكتب فقط لا تبدو أنها تعمل هنا بالشكل الصحيح.

إن أكثر نصائحنا المفاجئة للمؤسسين في مسرعة الأعمال هو "فقط أسأل"،"قم بذلك". قد يعتقد المؤسسون المبتدئون أن هناك سرا ما لطلب المساعدة من الأخرين أو أن ذلك يتطلب منك فعل أمور جديدة. ولكن مرة أخرى نقول، يتوقف استخدام الحيل في الشركات الناشئة، فقط كن مباشرا وكن قادرا على طلب ما تريد دون ارتباك.

يمكنك تغيير الحقيقية أمام الآخرين لكن ليس أمام نفسك. عليك إقناع الآخرين بأن شركتك ستكون أهم شركة ناشئة خلال عقد من الزمان ولكن يجب أن لا يؤدي ذلك بك إلى أن تصاب بجنون العظمة وتتغافل عن أي شيء يمكن أن يكون خاطئا.

كن مثابرا. أغلب المؤسسين يستسلمون بسرعة أو يتحولون إلى منتج أخر بسرعة كبيرة. إذا كانت الأمور بشكل عام لا تسير على ما يرام فتعرف على السبب الجذري للمشكلة وتأكد بأنك تعمل على معالجتها. إن أكبر جزء في نجاح المدير التنفيذي لشركة ناشئة هو أن لا يستسلم. وفي نفس الوقت ينبغي أن لا يكون عنيدا في تعامله مع المسببات الحقيقية، وهذا تناقض واضح، المثابرة والعناد يحتاجان إلى قرار صعب.

كن متفائلا، فعلى الرغم من وجود مدراء تنفيذين جيدين ومتشائمين في ذات الوقت هنا وهناك في هذا العالم، لكنني لم اتقابل مع أي منهم بعد. إن الايمان بأن المستقبل سيكون أفضل وأنه سيكون للشركة دور مهم في صنع المستقبل أمر مهم للمدير التنفيذي لينقل عدوى ذلك إلى الشركة. هذا أمر سهل من الناحية النظرية لكنه صعب في الواقع العملي خصوصا مع تلك التحديات التي تظهر على المدى القصير. لا تغفل عن تلك الرؤية بعيدة المدى، وثق دائما بأن تلك التحديات اليومية ستكون ذكرى يوما ما وستحل مكانها ذكريات التقدم السنوي الذي ستحرزه.

من بين أهم الوظائف التي تقوم بها كمدير تنفيذي هي قيامك بتعريف الرؤية والقيم التي ستعتمد عليها الشركة. يمكن أن تشعر ببعض المبالغة هنا لكن من المجدي القيام بذلك مبكرا، فما ستحدده في البداية سيفرض قوته في السنوات التالية. فكلما نمت الشركة كلما انضم لها موظفون جدد والذين هم بحاجة لأن يقتنعوا برؤيا الشركة وقيمها أولا ويقنعوا به الأخرين من بعدهم. لذلك اكتب رؤية الشركة وقيمها من البداية.

أمر هام أخر يستحق الحديث عنه هنا. إن بناء شركة هو بشكل ما كبناء مذهب ديني. إذا كان الناس لا يمكنهم ربط يفعلونه يوما بعد يوم بهدف أسمي يهتمون به فلن يقوموا بعمل جيد. أعتقد أن شركة Airbnb قامت بعمل جيد بهذا الصدد وأنصح بشدة بإلقاء نظرة إلى القيم الثقافية التي تبنوها.

إن أي مهمة ترتبط بهدف سامي متعلق بالله أو بقيم عليا هي مهمة ناجحة إلى حد كبير. فشعور الشخص بأنه يقوم بشيء لا تقف حدوده عند حد معين يعطي دافعية أكبر للإنجاز وهذا ما ينبغي أن تحاول الشركات الناشئة القيام به مع عملائها وموظفيها.

خطأ يقوم به المدراء التنفيذيون هو الابداع في مجالات العمل التي خاض بها الكثيرون بدلا من ابتكار منتجات وحلول جديدة. مثلا يعتقد بعض المدراء التنفيذيون أن عليهم أن يقضوا وقتهم لمناقشة طرق أخرى للقيام بمهام الموارد البشرية أو المبيعات والتسويق والشؤون المالية ونحوه. هذا أمر سيء إلى حد كبير. قم بما يتوجب فعله كالآخرين في تلك المجالات وركز فقط على منتجك وخدمتك التي تقوم ببنائها فهي الأهم.

Screenshot_2024-08-16_at_3.48.49_AM

التوظيف والإدارة

التوظيف هي أهم وظيفة وهي مفتاح النجاح لبناء شركة كبري وأيضا منتج عظيم.

لكن أول نصيحة أقدمها لك عن التوظيف هو أن لا توظف. معظم الشركات الناجحة التي عملنا معها انتظرت فترة طويلة نسبيا لتبدأ في تعيين موظفين. الموظفون مكلفون، هم يضيفون مزيدا من التعقيد التنظيمي للشركة ويحتاجون لجهد إضافي في التواصل. هناك الكثير من الأشياء التي تحتاج أن تقولها للمؤسسين المشاركين معك لكنك لا يمكن أن تقولها أمام الموظفين. كما أن الموظفين يضيفون ثقلا إلى الشركة حيث سيكون هناك صعوبة مضاعفة لتغير اتجاه الشركة كلما كان هناك عدد أكبر في فريق العمل. قاوم الرغبة بتقدير ذاتك من خلال عدد الموظفين لديك.

يملك كل مؤسس لشركة أو حتى مدير شهوة التوظيف بمجرد أن يبدأ مهامه الإدارية، إما رغبة بالتفاخر أو الاحساس بالأمان أو التواكل لوجود آخرين يقومون بمهام كان من المفروض أن يقوم بها المؤسسون. تلك الشهوة قد تؤدي إلى تدمير الشركة حتى قبل أن تبدأ. فعدا عن التكاليف المباشرة الشهرية التي يتوجب عليك توفيرها فأنت بحاجة لبعض الوقت من جهدك للتواصل معهم وايصال رؤية الشركة لهم وبناء فؤيق عمل متناسق وهذا الوقت قد لا يتوفر لك في البداية. تجنب التعيين إلى أطول وقت ممكن.

الأشخاص الجيدون لديهم فرص كثيرة ويرغبون باقتناص العظيمة منها فإن لم يكم لديك شيء بعد فمن الصعب توظيفهم. لكن بمجرد نجاحك بشكل واضح فإنهم هم من سيرغبون بالمجيء اليك.

من المجدي أن أكرر بأن الأشخاص الجيدون لديهم خيارات عديدة وأنت بحاجة لأشخاص جيدين لبناء شركة جيدة فكن سخيا في منحهم حصص ملكية وثقة ومسؤولية. كن قادرا على الذهاب خلف الأشخاص الذين لا تعتقد بأنك قادر على الحصول عليهم. تذكر بأن طبيعة الأشخاص الذين يمكنك توظيفهم قادرون هم أيضا على بدء شركاتهم الخاصة إن أرادوا.

عندما تكون في وضع التوظيف (عندما تحصل على منتج مناسب للسوق وما بعد ذلك)، فإنك لابد أن تقضي 25% من وقتك في عملية التوظيف تلك. على الأقل فإن أحد المؤسسين (وفي العادة المدير التنفيذي) يحتاج لأن يكون جيدا في التوظيف، فهذه ستكون المهمة الأولي لأغلب المدراء التنفيذين مع مرور الوقت. الجميع يقول بأن على المدراء التنفيذين أن يقضوا جزءا كبيرا من وقتهم في عملية التوظيف لكن في الحقيقية هذا لا يحدث الا مع المدراء التنفيذين الجيدين فقط مما يؤيد أهمية ذلك.

لا تساوم على جودة الأشخاص الذي يتم تعينهم. الكل يعلم ذلك والكل أيضا يتنازل للوصول لحل وسط في بعض الأحيان وعند وجود الحاجة الماسة. لكن الجميع يندم فيما بعد، وقد يؤدي ذلك في بعض الأحيان غالبا إلى انتهاء الشركة. فقد تحدث العدوى بين الناس الجيدين والسيئين، وإذا بدأت بأشخاص متوسطي المستوى، فالمستوى المتوسط عادة يقل مع مرور الوقت. فالشركات التي تبدأ عادة بالأشخاص متوسطي المستوى في الغالب لا تستطيع تصحيح ذلك فيما بعد. ثق بنظرتك للناس فإن كان لديك شك فالإجابة هي لا.

يتم بناء ثقافة الشركة وطبيعة العمل فيها بمن يتم تعينهم أولا، وتغير ذلك أمر غاية في الصعوبة فيما بعد. فكلما كنت حريصا على تعين الأفضل كلما ضمنت أن شركتك ستسمر بفريق عمل جيد. وهذا امر صعب لأن الحاجة أحيانا تلزمك بالتساهل خصوصا عندما يبدأ ضغط العمل وتضطر لأن تبحث عمن يساعدك.

لا توظف الأشخاص مدمني السلبية. فهم لا يتوافقون مع طبيعة الشركات الناشئة في بداية عهدها، فبقية العالم سيتوقع نهايتك كل يوم في الوقت الذي تحتاج فيه الشركة لأن تكون موحدة داخليا بما تؤمن به عكس ذلك التوقع تماما.

قيم الكفاءة على حساب الخبرة لأغلب الأدوار التي تحتاجها. ابحث عن الذكاء الفطري وعن سجل واضح بأمور منجزة. ابحث عمن تحب لأنك ستقضي معهم الكثير من الوقت وغالبا في حالات متوترة. بالنسبة للأشخاص الذين لا تعرفهم، حاول أن تعمل معهم في مشروع ما قبل أن ينضموا اليك للعمل بدوام كامل.

استثمر في أن تصبح مديرا جيدا. هذا أمر صعب لأغلب المؤسسين لكنه قطعا هو أمر بديهي. لكنه مهم حتى تتم الأمور بشكل جيد. حاول أن تجد موجهًا لمساعدتك. إن لم تصبح جيدا في الإدارة فستخسر موظفيك بسرعة أكبر. وإن لم تحتفظ بموظفيك فقد تكون أفضل من يوظف في هذا العالم لكن هذا أمر لا يهم أحدا في النهاية. إن أغلب الأساسيات التي تجعلك مديرا ناجحا قد تم تغطيتها جيدا (عبر الكتب والمحاضرات ونحوه) لكن الشيء الذي لم أرى أنه يتم مناقشته أبدا هو الحديث حول فكرة "أن لا تلعب دور البطل". معظم المدراء الحديثون العهد بالإدارة يقعون ضحية هذا في بعض الأحيان ويحاولون فعل كل شيء بأنفسهم فيصبحون غير متاحين لفريق العمل لديهم، فينتهي ذلك عادة إلى الانهيار. قاوم كل إغراء لتتحول لذلك الدور البطولي وكن على استعداد لأن تتأخر في المشاريع مقابل أن يكون لديك فريق عمل يعمل بشكل جيد.

لا يوجد انسان خارق يمكنه أن يفعل كل شيء مهما بلغ من الإبداع او القوة. فالإنسان الخارق هو خيال محض في أذهان البعض. فتميز فرد ما بصفة معينة لا يعني انه مميز في كل شيء، بل هو مميز بتلك الصفة فقط. وبالتالي لا يمكن أن يتم انجاز عمل ما الا باجتماع مجموعة من الأفراد لأن كل واحد منهم يملك شيئا يمكن أن يقدمه في انجاز ذلك العمل يختلف عن الأخرين ويتكامل معهم. وهذا ما جعل لفرق العمل أهمية لان كل فرد في فريق العمل يقدم قيمة معينة بناء على تلك الميزة التي تميزه فتجتمع مزايا عدة تؤدي إلى إتمام المهمة المطلوبة بنجاح.

وعندما نتحدث عن الإدارة، أنصح بأن تحاول جاهدا بأن تجمع كل موظفيك في ذات المكتب. لأسباب معينة فإن الشركات الناشئة دائما ما تذهب إلى حل وسط في هذا الشأن. لكن أغلب الشركات الناشئة الناجحة بدأت بفريق عمل يعمل افراده مع بعضهم البعض. أعتقد أن العمل عن بعد جيد للشركات الكبرى لكنه ليس وصفة جيدة لنجاح كبير لشركة ناشئة.

أخيرا، قم بإنهاء عمل أي موظف لا يناسبك وبسرعة. الجميع يعلم أن هذا أمر أساسي لكن لا أحد يقوم به. لكنني أشعر أن على أن أفوله على أي حال. أيضا قم بفصل من لهم تأثير سام على ثقافة الشركة مهما كانوا جيدين بما يقومون به. ثقافة أي شركة يتم تحديدها بمن توظف وبمن تفصل وبمن ترقيه في عمله.

Screenshot_2024-08-16_at_3.51.04_AM

المنافسون

كلمة سريعة حول المنافسين، فالمنافسين هم شبح الشركات الناشئة. المؤسسون لأول مرة يعتقدون بأنهم قادرون على إبادة 99% من الشركات الناشئة. لكن 99% من الشركات الناشئة تموت عبر انتحارها في السوق وليس عبر ابادتها. اهتم بدلا من ذلك بالمشاكل الداخلية لديك وإذا فشلت فهذا في الغالب بسبب فشلك في صنع منتج رائع أو فشلك في صنع شركة عظيمة

99% من وقتك عليك فيه أن تتجاهل المنافسين خصوصا عندما ينجحوا في الحصول على تمويل أو يثيروا الكثير من الضوضاء في الإعلام. لا تقلق إلا من المنافس الذي يتحداك بمنتج حقيقي وجاهز. فكتابة البيانات الصحفية أسهل بكثير من كتابة البرامج وأسهل بكثير من صنع منتج حقيقي. وقد قال Henry Ford: "لا يمكن الخشية من أي منافس سوى ذلك الذي لم يقم يوما بإزعاجك لكنه مشغول بالعمل الخاص به ليصبح أفضل دائما".

كل الشركات العملاقة واجهت تهديدات سيئة من المنافسين عندما كانوا صغارا أكثر بكثير مما تواجهه أنت الآن لكنهم خرجوا منها بسلام. هناك دائما فرصة للتحرك.

لا تنسى بأن الأفضل أن لا تدخل في منافسة مع الآخرين وأن يكون لديك منتج مميز له سوق خاص به حتى لو كان صغيرا في البداية. عندما تغرق في منافسة الأخرين بمنتج مكرر فأنت كمن يسبح في محيط أحمر كلون الدم. أما إن قدمت شيئا مبتكرا فأنت كمن يسبح وحده في محيط أزرق نفي. يمكنك قراءة الكثير حول تلك الاتسارتيجية في كتاب المحيط الأزرق والمحيط الأحمر للعالمان (البروفسور دبليو شان كي (W. Chan Kim)، وزميلته البروفسور رينية موبورن (Renee Mauborgne).
Screenshot_2024-08-16_at_3.55.21_AM

كسب المال

أه نعم... كسب المال. أنت بحاجة لأن تكتشف كيف تفعل ذلك.

أقصر طريق لكسب المال هو أن تجعل الناس يدفعون لك مالا أكثر من التكاليف التي انفقتها لإيصال منتجك أو سلعتك لهم. الكثير من الناس ينسون دائما أن يأخذوا في الاعتبار ذلك الجزء المتعلق بكم كانت التكلفة لإيصال المنتج.

إذا كان لديك منتج مجاني فلا تخطط للنمو عبر مستخدمين يدفعون. هذا الأمر صعب بالفعل بالنسبة للأعمال المعتمدة على الإعلانات. أنت بحاجة لأن تصنع شيئا يمكن للناس أن يشاركوه مع أصدقائهم.

إذا كانت تكلفة منتجك أقل من ألف دولار (كقيمة واحدة فقط لكامل علاقتك في المستقبل مع العميل) فانت لا تستطيع تحمل تكاليف المبيعات المباشرة، وبالتالي فعليك اللجوء لوسائل اكتساب العملاء المختلفة كالإعلانات والقوائم البريدية وتعظيم الوجود في محركات البحث ونحوها، وهنا حاول أن تسترد قيمة ما صرفته على استحواذ العميل في غضون ثلاثة أشهر. أما إذا كان لديك منتج مدفوع بأكثر من ألف دولار (صافي قيمة لك) فربما يمكنك اللجوء للمبيعات المباشرة في حال كان من السهل بيع منتجك. أما في حال كان قيمة منتجك أكبر من خمسة آلاف دولار فقد يكون من الصعب بيعه. حاول في هذه الحالة أن تجرب بيع المنتج بنفسك لتتعلم كيف يمكن أن يتم بيعه. قرصنة المبيعات كتاب جيد في هذا المجال من المجدي قراءته.

نشير هنا إلى خطة للتوزيع التي اعتبرها بيتر هامة جدا لنجاح الشركات الناشئة. كثيرا ما ينسى أصحاب الأفكار العظيمة أو يتجاهلوا وضع خطة واضحة لإيصال المنتج للعملاء وكيف سيتم بيعه وشرائه. فعدم قدرة العميل على الحصول على المنتج بسهولة سيعني ببساطة أننا ننتج منتجا للعرض فقط. لا يكفي إطلاقا وضع منتج مبتكر وانتظار المبيعات لتأتي، يجب أن يترافق مع المنتج خطة واضحة لكيفية ايصاله للعملاء المستهدفين عبر قناة محددة وواضحة مع التركيز على العملاء الأهم في البداية والذين يمكن أن يسوقوا للمنتج عند رضاهم عنه. هذه الخطة يجب أن تكون بسيطة غير معقدة ومناسبة للمنتج وقيمته وقادرة على إيصال المنتج للعملاء المستهدفين فعلا، قد يتم ذلك عبر البائعين أو عبر التسويق أو الإعلان أو العلاقات العامة.

على أي حال. حاول أن تصنع "إطارا ربحيا" مناسبا. بمعنى أن تصنع بأسرع وقت ما يكفي من المال لتعيش ضمن الحد المعقول فعندما تصل إلى هذا المستوى فستتمكن من التحكم بمصيرك بعد ذلك بعيدا عن أهواء المستثمرين والأسواق المالية،

راقب التدفق النقدي لديك بقلق شديد. فعلى الرغم بأنه قد يبدو هذا غير مصدق الا اننا رأينا الكثير من المؤسسين قد نفذ المال منهم دون أن يدركوا بأن ذلك يحدث بالفعل ولأكثر من مرة. اطلع على مقالة Paul Graham للمزيد حول هذا الأمر.

ينبغي الإشارة هنا إلى ضرورة بناء نموذج عمل مناسب لمنتجك ولو بشكل سريع والتطوير المستمر لذلك النموذج مع مرور الوقت. وأفضل أداة يمكن استخدامها لتحقيق ذلك هو مخطط نموذج العمل business model canvas الذي جاء به Alexander Osterwalder عام 2004 نتيجة أطروحته للدكتوراه وطوره بعد ذلك ليظهر في عام 2009 في كتاب Business Model Generation. فقد حقق هذا المخطط المعادلة الصعبة بالموازنة بين البساطة والسرعة في تقييم المشاريع والأعمال قبل الخوض فيها من جهة والشمولية والدقة إلى حد كبير من جهة أخرى. وفر مخطط نموذج العمل القدرة على دراسة جميع العناصر الأساسية الازمة لقيام أو تطوير أي عمل أو مشروع مهما كان صغيرا بشكل مترابط ومتكامل مع توافر الإمكانية لبدء العمل به من قبل أي كان بشكل مباشر ثم الاستمرار بالتعديل والتحديث فيه حتى يصل إلى الصورة المناسبة والمقبولة. يتكون مخطط نموذج العمل من تسعة وحدات بنائية يتوجب معرفتها حتى يكتمل نموذج العمل. قد تبدأ تلك المعرفة بمجرد تخمينات لكنها ينبغي أن تتحول في النهاية إلى حقائق قدر الامكان عبر الاستمرار في البحث والتواصل مع أصحاب العلاقة والخبراء والعملاء. والعناصر التسعة هي القيمة المقدمة للمنتج أو الخدمة وشرائح العملاء المستهدفين وقنوات التوزيع وعلاقات العملاء والنشاطات الرئيسية اللازمة لإنتاج المنتج والموارد الرئيسة البشرية وغير البشرية التي يحتاج لها والشركاء اللازم التعاقد معهم وأسلوب تدفق الايرادات للمشروع وهيكل التكلفة المناسب. يمكنك أن تبدأ ببناء مخطط نموذج العمل الخاص بك الأن وعبر الإنترنت من هنا.
Screenshot_2024-08-16_at_3.56.56_AM

طلب التمويل

معظم الشركات الناشئة تحتاج إلى طلب المال في وقت من الأوقات.

لكن ينبغي أن تطلب التمويل فقط عندما تحتاجه أو عندما يتوفر لك بشروط جيدة. انتبه لئلا تخسر ما تتحلى به من التدبر في صرف المال أو أن تبدأ بحل المشاكل بتبذير المال. عدم امتلاك المال الكاف قد يكون أمرا سيئا لكن امتلاك الكثير من المال في الغالب دائما أمر سيء.

عندما لا يكون لديك من المال ما يكفي فإنك تكون حريصا على أن تصرف بمقدار أما عندما يتوفر المال فستكون في الغالب مبذرا وتعمد للقيام بنشاطات مكلفة كالتوظيف أو حضور الكثير من المؤتمرات أو الحصول على مكتب فخم ونحو ذلك. فإن حصلت على تمويل تجنب ذلك وحافظ على عادتك بأن تصرف بمقدار,

السر خلف النجاح في الحصول على تمويل هو أن يكون لديك شركة جيدة. فكل ما يقوم به المؤسسون من أعمال أخرى لتحسين عملية الحصول على تمويل ربما لا يجدي بأكثر من 5%. المستثمرون يبحثون عن تلك الشركات التي ستنجح فعلا حتى بدون أن يتم ضخ أي استثمار فيها لكنها ستنمو أسرع عند وجود استثمار خارجي. الجزء الأهم هو أن تكون شركة "ناجحة فعلا" لأن العائد المتوقع من الاستثمار هو في النهاية نتيجة حدوث نجاحات كبيرة. إذا كان المستثمر يعتقد بأنك لديك فرصة مئة بالمئة لإنشاء شركة قيمتها عشرة ملاين دولار لكن ليس هناك فرصة في الغالب لأن تكون أكبر شركة فهو ربما لن يستثمر حتى ولو بقيمة صغيرة جدا. كن واضحا بشكل دائم لماذا ستكون ناجحا بشكل كبير في المستقبل.

اعتبر بيتر بأن نجاح وقيمة أي عمل ريادي اليوم تعتمد على قدرته على انتاج سيولة نقدية في المستقبل وليس على قيمة أصوله أو عدد موظفيه الآن. قيمة الشركة الريادية الحقيقية والتي ينظر لها المستثمرون تتمثل في مدى قدرتها على انتاج المال فيما بعد وهذا ما يجعل قيمة شركة كتويتر أو لينكدإن أو واتساب أعلى من شركات تملك أصولا ضخمة. المستثمر اليوم ينظر بدقة إلى التدفقات النقدية التي يمكن أن يحققها المشروع الريادي بعد خمس أو عشر سنوات من اليوم حتى يحكم على مدى نجاح المشروع من فشله. النظر إلى الربح العاجل كما يحدث مع الكثير من المشاريع الريادية هو القاتل الأكبر لأن المشروع قد يحقق ربحا عاليا في البداية لكنه لن يكون قادرا على تحقيق تلك التدفقات النقدية بعد خمس أو عشر سنوات نتيجة ارتفاع التكلفة أو زيادة المنافسة أو غيره. ولكي يتحقق ذلك يجب أن تكون طبيعة المشروع والفكرة قادرة على تحقيق تلك التدفقات النقدية عندما يتوسع مستقبلا دون احداث تغير جوهري في المشروع أو الفكرة أو التقنية أو المنتج التي بدأت بها أصلا. ولا يحدث هذا الا عندما يكون المنتج فريدا ويستخدم تقنية مميزة وقوية ومرنة وقادر على بناء شبكة من العملاء الراضين عن المنتج وبالتالي قادر على التوسع دون اضافة تكلفة كبيرة.

يقود المستثمرين دائما تخوفهم من أمرين في ذات الوقت: أن يضيعوا فرصة المساهمة في شركة قد تكون جوجل القادمة وفي ذات الوقت أن يستثمروا في شيء قد يتضح فيما بعد بأنه كان وبشكل واضح أمرا غبيا. أفضل الشركات تخاف من كلا الأمرين على حد سواء.

إنها فكرة سيئة أن تحاول طلب التمويل عندما تكون شركتك ليست في حالة جيدة بما فيه الكفاية لجذب رؤوس الأموال. ستحرق سمعتك وستضيع الوقت.

لن تحصل على روح معنوية جيدة إذا كنت تواجه معاناة في الحصول على تمويل. فأغلب أفضل الشركات واجهت صعوبات في ذلك. لأن أفضل الشركات في كثير من الأحيان تبدو سيئة في بدايتها وفي الغالب تبدو بشكل غير عصري. عندما يقول لك المستثمرون "لا" فيمكن أن تصدق الـ "لا" لكن لا تصدق السبب. وأنتبه إلى أن أي شيء غير "نعم" يعنى "لا"، فالمستثمرون لديهم قدرة هائلة على قول "لا" بطريقة تبدو وكأنها "ربما نعم"

من المهم أن تكون محادثاتك للحصول على تمويل مع أكثر من مستثمر على التوازي فلا تذهب لكل مستثمر على حدة. فتلك الطريقة ستجعلهم يتصرفون وفق الخوف من أن يقوم مستثمرون أخرون باقتناص الفرصة منهم.

تعامل مع طلب التمويل على أنه شر لا بد من القيام به بأسرع وقت ممكن. بعض المؤسسين يقعون في غرام طلب التمويل من المستثمرين بكثرة وهذا أمر سيء دائما. من الأفضل أن يقوم بذلك مؤسس واحد فقط حتى لا تصل الشركة إلى طريق مسدود.

تذكر بأن أغلب المستثمرين لا يعلمون الكثير عن جميع مجالات العمل. لذلك فالمقاييس والأرقام هي الأكثر إقناعا هنا.

هذا بدأ يتغير لكن لسوء الحظ فاغلب المستثمرين (باستثنائنا) ما زالوا بحاجة لشخص يعرفونه ليقدمك إليهم حتى يأخذوا الأمر بجدية.

كن مصرا على شروط واضحة (فالشروط ستتعقد وتصبح أسواء في كل جولة من جولات التمويل) ولكن لا تبالغ في المثالية خصوصا في تقييم قيمة الشركة. لكن يبقى التقييم أمر كمّي يمكن أن تنافس فيه وأغلب المؤسسين يحبون أن ينافسوا بأعلى تقييم ممكن. فالتقديرات المتوسطة القيمة لا تهم كثيرا هنا.

الحصول على أول شيك هو الأمر الأصعب، لذلك ركز كل طاقتك للحصول عليه والتي عادة تعني بأن تركز انتباهك بمن يهتم بك أكثر. ليكن لديك دائما خطط متعددة، فخطة واحدة فقط لن تنجح، وكن مرنا بالتوجه نحو الطريق الذي يأتيك منه فائدة، فإذا جاءك تمويل يمكنك استغلاله وبشروط معقولة فكن منفتحا للقبول به.

أهم مفتاح لكي تكون جيدا في عرضك أمام المستثمرين هو أن تصنع قصتك بشكل واضح وسهل الفهم قدر الإمكان. بالطبع أهم مفتاح لديك في الحقيقية هو أن يكون لديك شركة جيدة في الاساس، هناك الكثير من الأفكار عن ما يجب أن يتضمنه عرضك لكن في الحد الأدنى ينبغي أن يكون لديك مهمة ومشكلة ومنتج أو خدمة، ونموذج عمل وفريق عمل وسوق ومعدل نمو في السوق وارقام مالية.

تذكر بأن السقف يرتفع مع كل جولة تمويلية فإذا كنت تقدم عرضك فقط للحصول على التمويل المبدئي فلا تتفاجأ عندما نفشل في الحصول على تمويل في الجولات القادمة.

المستثمرون الجيدون يضيفون قيمة كبيرة لشركتك لكن المستثمرون السيئون ينقصون منها بشكل كبير وأغلب المستثمرين يقعون بين الجيد والسيء فلا يضيفون ولا ينقصون. المستثمرون الذين يستثمرون بمبلغ صغير عادة لا يفعلون شيئا من أجلك فأحذر من المستثمرين الذي يقدمون استثماراتهم في المناسبات والحفلات.

وجود مستثمر جيد في مجلس الإدارة أمر له قيمته. فأعضاء مجلس الإدارة هي من أهم القوى الخارجية التي تؤثر على الشركة إضافة إلى المستخدمين. والقوى الخارجية لها أهمية كبيرة أكثر مما يتوقع أغلب المؤسسين. كن قادرا على تقبل قيمة اقل مقابل أن يكون لديك أعضاء مجلس إدارة جيدين قادرين على أن يشاركوا بفعالية.

أعتقد أن هذه المقالة من Paul Graham هي افضل ما يمكن قراءته فيما يتعلق بالحصول على التمويل. كنقطة تكتيكية، أنت بحاجة عادة لأن تكون شركة ذات مسؤولية محدودة حتى تستطيع الحصول على تمويل مؤسسي. فمن الأفضل أن تسلك ذلك الطريق.

ختاما

تذكر بأن اَلاف البشر يملكون أفكار عظيمة، أحدهم فقط يصبح ناجحا بالفعل. الفرق يأتي من تنفيذ الفكرة. هو أمر صعب والكثيرون يتمنون لو أن هناك طريقة أخرى لتحويل الفكرة لنجاح لكن أحدا لم يكتشف ذلك بعد.

لذلك فكل ما تحتاجه هو فكرة عظيمة وفريق عمل جيد ومنتج رائع وتنفيذ ممتاز. الأمر سهل جدا 😃


د. عماد عمر سرحان
إستشاري ومتخصص في المعلوماتية.
مدونة تَعلُم

تَعلُم هو منصة إلكترونية عربية تشاركية حيادية تهتم بالتحول الرقمي لدى الأفراد والمنشآت والشركات في المنطقة العربية في التعليم والعمل والتواصل عبر أدوات رقمية ومحتوى معرفي نوعي أصيل موجه خصيصا للعالم العربي يمكّن الأفراد والشركات من التعرف على العالم الرقمي وأدواته وكيفية التحول اليه والتعايش معه من خلال معرفة حقيقية تركز على نقل الخبرة والمهارة وتوفير المشورة والأدوات المناسبة التي تساعد على التعلم الذاتي والتطبيق.